حُكام العصور اليونانية القديمة كانا يسعون لتسييس وتجييش أهل مدينة اسبرطة التي تعلم أبناؤها مهارات الكر والفر والقتال ليصبحوا شعباً مهيب الجانب، عظيم الشأن، يخشاه الكبير قبل الصغير. واتحاد الكرة الإسبرطي لم يكن يأمر بالمعروف ولم يكن ينهى عن المنكر، بل على العكس كان الاتحاد يغص برجال متعددي المواهب والأوجه مؤهلاتهم الأساسية هي النهي عن المعروف والأمر بالمنكر.
والحقيقة أن جمهور الكرة الإسبرطي كان طيباً ومسكيناً ومغلوب على أمره، أما الأندية الإسبرطية فلم يكن لها قيمة مرحلية إلا قبل الانتخابات بشهرين وفي أيام الكباب وليالي الجمعيات العُمومية الملاح. والأندية هي دوماً عرضة للمؤامرات والدسائس التي يُحيكها الاتحاد الإسبرطي الذي يدير كرة القدم بنظام "فرق تسد".
فالاتحاد قائم على السجالات والوقيعة وضرب الأسافين بين الجماهير الإسبرطية البيضاء والحمراء والصفراء والخضراء والزرقاء. مش مهم الألوان، المهم هو إحداث التنافر والتناحر وتصدير الفتنة وأحياناً استيراد أنواع فتنوية مُمتدة المفعول من لبنان الشقيق لتأجيج القتال بين الأبيض والأحمر وبين حزب الصعاليك وحزب الزناديق، كل ذلك لكي يبقى الكفاح مستمر والحرب "دوارة" والنيران مشتعلة بين الجماهير الإسبرطية العميلة لاتحاد عربي آخر شقيق.
والاتحاد الإسبرطي ملئ برجال وقادة ماركة "حلبي" و"الشندور" و"نوبير" و"عبدالنبي"، وهؤلاء زعماء يقودون بمهارة وحنكة حروب التحرير المُقدسة ويوجهون المقاتلين المأجورين ويديرون المعارك بتفاني وإخلاص وهم أناس والحمد لله متطوعون لأنفسهم، مضربون عن إقامة العدالة بين الأندية، عازفون عن المصلحة العامة، مبدعون في فنون التخميس والتربيع والتتليت والتلت ورقات، وخبراء في العزف على كل الأوتار وفي الغناء والفن السابع والثامن والتاسع وعمالقة في التمثيل والتهجيص (والسكرتة). والعبدلله يطلب متطوعين (مش زي بتوع اتحاد اسبرطة) لتوضيح معنى الكلمة الأخيرة.
والاتحاد الإسبرطي الموقر نفسه، والمستقل والقوي والعادل، تارة يؤجل قراراً مهماً لأيام وشهور وتارة يتخذ على الهواء مباشرة أسرع وأهم قرار في تاريخ البشرية، مُهدداً عبر أبواقه التلفزيونية الرسمية بإيقاف فوري وعاجل للاعبين لونهم أبيض زي الفل، لا لشئ سوى فرد العضلات وإبراز الأخبار الحصرية على شاشة البرامج الموجهة والمتوجهة وإظهار العين الحمراء لصعاليك البيت الأبيض "بوش" و"تشيني" وكوندي" و"بوندي". وسلملي على "السكرتة"!!..